المرأة السكس

المرأة "السكس" ترجمتها فى قاموسنا العربى .. المرأة المرغوبة ، المرأة المشتهاة من الرجل . ووسائل "السكس" فى تصور المرأة العصرية .. هى قلم روج وقلم كحل وباروكة وكورسية وأظافر مخضبة ورموش ملصوقة وسوستة تحت الثدى تدفع بحلمته كالمدفع إلى الأمام .. وخط أخضر فوق الحاجب وخط أزرق تحت العين ، وكعب نص متر وفخذ مكشوف .. ولا بأس من لفت النظر إلى الفخذ العريان بالاستعانة بجورب ملون مزكرش .. وعلى الترزى أن يعتنى بإظهار استدارة الردف وتكويرة "الهانش" والهانش هو مؤخرة المرأة فى لغة الترزية المهذبة كما تعلموها من الزبونات المثقفات .. وعلى الترزى أن يكون كريماً فى الفتحات المختلفة التى يجعلها عند الصدر والظهر والإبطين بحيث يكظ اللحم الأبيض المعطر منها بكمية كافية .. وإذا كان الفستان سهرة فلا أقل أن تصل فتحة الصدر إلى السُّرَّة من الأمام ، وإذا قررت المرأة أن تكون حشمة من الأمام فعليه أن يفهم لغة السيم ، فيعرى الخلف أو ينزل بفتحة الشباك الخلفى إلى الهانش بحيث يكشف الظهر كله فى سخاء .. أما عند الإبطين فيحسن أن تكون الفتحات بحيث ينصب منها الثدى كله ، فترضع منه العيون فى كل حركة بدون تكلف .. فإذا آثرت المرأة بهدف العفة أن تغطى البطن لأسباب الحمل وخلافه ، فيجب على الترزى أن يكون ذكيا ويضع على مكان السرة نجمة أو وردة ، أو حلية .. فهنا بقعة لها دلالتها .. لا يصح أن تمر بها العين .. فإذا كان الرجل أعمى ، أو يضع على عينيه نظارة "قعر كباية" فلا بأس من الوصول إليه من خلال خياشيمه ، فتدلق المرأة البارفان فى جميع فتحات الفستان .. وإذا كانت المرأة من النوع الوقور جداً كأن تكون زعيمة نسائية ، أو رئيسة جمعية الخير ، فيمكن أن تستبدل العرى بالشيفون الشفاف .. فتمشى كاسية من الرأس إلى القدم ، وفى نفس الوقت لا تحرم العين المشتاقة من الكور الرجراجة والتلال والأهرامات ، والثنيات والمطبات من تحت السيلوفان الشفاف.

ولا يبقى بعد ذلك لاستكمال "السكس" سوى نظرى نعسانة ونبرة سهتانة وخطوة متعثرة وسلوك عذرى خجول يعاتب العيون الجريئة الزانية المقتحمة ، وكأنه يقول لكل رجل .. اخص عليك ..

ولا بأس من بضع كلمات فرنسية هنا وهناك ، كرتوش ختامية للصورة.
هذه هى المرأة السكس فى التصور العصرى.

ومثل هذه المرأة المصنوعة إذا وضعت رأسها تحت الحنفية أو تصبب عليها العرق فى يوم قائظ ليمحو الطلاء والزخارف سوف تتحول إلى امرأة أخرى ولو نجحت بإغرائها إلى حملك إلى الفراش .. تم بدأت تخلع الباروكة والرموش والكورسيه والسوتيان والمساند والسوست ، وربما طقم الأسنان والنهود والكاوتش والعين الصناعية ، فسوف تلقى بنفسك من النافذة وتهرب بجلدك من الشغت والكرشة المتبقية.
تم دعونا نفكر معاً فى هدوء .. فى هذا الفهم العصرى لمعنى الأنوثة .. هل هو تقدم فى تصور الأنوثة أم تأخر.
ولا شك أن أمهاتنا من الرجعيات من الجيل القديم ، قد فهمن الأنوثة فهماً أكثر تقدما من حفيداتهن المودرن المثقفات.

فالمرأة العصرية فى الحقيقة لم تتقدم بالبيت وإنما على العكس رجعت به إلى الوراء خطوتين ليكون بيت دعارة .. وامتهنت جسمها وأنوثتها ، فعرضتها كسلعة فى فاترينة العيون .. وتصرفت على عكس ما تدٌعى وعلى عكس ما تقول بلسانها متهمة الرجال .. بأنها ليست سلعة وليست موضوع لذة يوضع فى قصر الحرملك .. نحن نرد عليها بأنها هى التى أثبتت على نفسها ..بالطريقة التى تلبس بها .. بالطريقة التى تتزين بها .. بالطريقة التى تمشى بها وتتكلم بها .. وكأنها تقول .. بل تصرخ .. أنا أحسن بضاعة للسرير ..
ماذا يكون هذا الأسلوب فى الإغراء إلى أسلوب الجوارى والرقيق بعينه.
وإذا كان هذا هو فهم المرأة للتقدمية والحرية .. فإنها تزيف علينا الألفاظ وتخرجها من مدلولها ، فلا تقدمية فى مثل هذا السلوك ولا حرية .. وإنما نحن أمام الرجعية بعينها .. فالمرأة انسلخت من إنسانيتها وارتدت إلى حيوانية بدائية فجة ، ورفضت الحرية واختارت العبودية للحواس والغرائز . واختارت أن تكون متعة وغواية ، لا إنسانية جادة وشريكة عمر.
هنا أنثى تنادى على ذكر.
هنا عواء الغاب.

اختفى الإنسان خجلا وأطل الحيوان من وراء الخضاب .
إنها تزنى حتى باللفظ ، فتستخدم الأسماء فى غير مسمياتها بل وفى عكس مسمياتها ، فتسمى الرجعية تقدماً .. وتستحث الأعضاء التناسلية للوثوب ، مستخدمة آخر صيحات العلم والموضة .. وأستاذتها فى هذا الأسلوب ، ورائدتها ومثلها الأعلى ممثلة سينما أو راقصة كباريه على الأكثر.

وهذا هو الفهم المودرن الثورى للمرأة "السكس" .. المرأة المرغوبة .. وهو فهم ينحط بالمرأة وبالرجل معاً.
وتخطىء المرأة تماماً إذا تصورت أن هذا هو تصور الرجل التقدمى للأنوثة.

والرجل السوى لا يتصور الأنوثة مجموعة فتحات وإنما يفهم الأنوثة على أنها أمومة .. والمرأة المرغوبة هى المرأة التى تستطيع أن تجسد الرحمة والحنان ، والتعاطف والمودة والفهم ؛ وهو يعلم تماماً أن الأنوثة ليست صدراً ومقاسات .. وهو يعرف أن هذه المقاسات المثالية تتبخر بعد أول حمل .. وأن الغزالة تتحول إلى بقرة .. وأنه لا يبقى من الأنثى مما له اعتبار فى قيام البيوت إلا الأمومة والرحمة والحنان وقيم البيت الأصيل .. وأن الحرية هى أن تتحرر المرأة أولا من إلحاح الحيوان فى داخلها ، ومن فحيح الغاب ولهاث الحواس .. لتصبح إنساناً.

هذا هو فهمى وفهم كل رجل سوى للأنوثة الحقة .. فإذا كان هذا الكلام فى نظر الستات المودرن رجعية ، فأنا رجعى جداً .. وعلى حق.
ومن حسن الحظ أن هذه الثورة المودرن لم تشمل كل الجيل بعد ، فما زال الكثير من نسائنا بخير .. مازلن رجعيات مثلى والحمد لله.

للكاتب مصطفى محمود

كتاب عصر القرود